فصل: البحث الثالث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***


الثالث في تعقب الإقرار بما يرفعه

وهو ينقسم إلى استثنائه فإن ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ قسمان مجهول ومعلوم، فهذه ثلاثة أبحاث‏.‏

البحث الأول

في الاستثناء المعلوم، وفيه خمس مسائل‏.‏

الأولى في الجواهر‏:‏ يصح استثناء الأكثر نحو عشرة إلا تسعة، فيلزمه درهم، وقاله ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏، وقال عبد الملك‏:‏ لا يصح، وقاله ابن حنبل وألزم أصل الكلام، قال صاحب الجواهر‏:‏ والأول المشهور، والقاضي في المعونة وغيره، وقال القاضي ابن مغيث في وثائقه‏:‏ لا يصح استثناء الأكثر ويلزم جميع العشرة، وقال‏:‏ هذا مذهب مالك وأصحابه، وفي المدخل لابن طلحة‏:‏ أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا، في لزوم الثلاث له قولان، بناء على أنه استثنى أو أنه لزم، ومقتضاه جواز استثناء الكل من الكل، مع أن العلماء حكوا في استثناء الأقل والمستغرق الإجماع، وحكوا في المساوي والجمع قولين، وحكى الشلوبين وغيره من النحاة الخلاف في جواز الاستثناء من أسماء الأعداد بناء على أن الاستثناء في لفظ العشرة مثلا في الثمانية إذا استثنى اثنان، وأسماء الأعداد نصوص لا تقبل المجاز، ويقال‏:‏ الاستثناء مع المستثنى منه لفظ واحد، وضع لما بقي، فللثمانية في لسان العرب عبارتان، ثمانية وعشرة إلا اثنان، فلا مجاز، وفي الكتاب العزيز‏:‏‏{‏فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين‏}‏‏.‏ وفي السنة‏:‏ إن لله

تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة‏.‏ فهذه استثناآت في الأعداد، لنا على جواز استثناء الأكثر قوله تعالى‏:‏‏{‏إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين‏}‏‏.‏ ومعلوم أن الغاوين أكثر، وقوله تعالى‏:‏‏{‏لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين‏}‏‏.‏ فمجموع الاثنين يبطل القول بمنع المساوي، وحصر الجواز في الأقل؛ لأن أحد الفريقين إن كان أقل من الآخر أكثر، وقد استثنى في الآية الأخرى، وهذا الاستثناء اغتبط به جماعة من الفضلاء، وهو لا يتم؛ لأن المانع من استثناء المساوي، والأكثر إنما مع ‏(‏كذا‏)‏ كون المتكلم مقدما في كلامه على حسن كثير ‏(‏كذا‏)‏ هو عالم حال التكلم، فإن المستثنى إذا قال‏:‏ له عندي مائة إلا تسعة وتسعين، وهو يعلم أن أكثر كلامه هدر، فإقدامه على ذلك قبيح، فالآية ليست من هذا الباب، فإن عند صدور هذا الخطاب لإبليس ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏لا يتعين الغاوي من المخلص فلا لمس ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الكلام بالهدر، بخلاف صورة النزاع، ولذلك اتفقوا على جواز التقييد بالشرط، وإن أبطل جملة الكلام كونه غير متعين حالة التعليق، نحو أكرم بني تميم إن جاؤك، يجوز أن لا يجيئه أحد فيبطل جميع كلامه عند عدم الشرط، وما ذاك إلا لعدم التعيين، فاعلم هذا الموضع فهو حسن‏.‏

ولنا قوله تعالى‏:‏‏{‏يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا‏}‏‏.‏ فقد استثنى الثلثين، وبالقياس على التخصيص فإنه يجوز في الأكثر إجماعا؛ لأن الاستثناء مأخوذ من الشيء، وهو الرجوع وهو مشترك بين القليل والكثير‏.‏

احتجوا بأن كلام العرب مبني على الاختصار، وليس منه ما ذكرتموه،

بل هو حشو، ولأنه على خلاف الأصل لكونه ببطل ما تقرر، وأكثر الشيء في معنى جملته، كما يقال للثور الأسود الذي فيه شعرات بيض أسود، لكون القليل مغتفرا أما بصفة أبيض فلا، ولأن دار ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عن اللغة مع ذلك فلا يجوز‏.‏

والجواب عن الأول أن العرب أيضا قد تطنب وتطول وتكرر وتقيم الظاهر مقام المضمر لمقاصد تقتضي ذلك من التفخيم والتعظيم وتقريب المعنى في ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ إلى غير ذلك من المقاصد، وكذلك هذا فيه مع ما ذكر استدراك الغلط العظيم الذي قد يسهو الإنسان عنه‏.‏

عن الثاني أن الأصل قد يخالف لما ذكرناه من المقاصد أيضا، فإنه ضرورة مناسبة لمخالفة الأصل‏.‏

عن الثالث أنه معارض بنقل أكثر منه عن أئمة اللغة‏.‏

تفريع في الجواهر‏:‏ على المشهور إذا قال‏:‏ له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنان إلا واحد لزمه خمسة بناء على أن الاستثناء من النفي إثبات، والإثبات نفي، وأن الاستثناء الثاني يعود على الأول وعلى أصل الكلام، فتكون التسعة منفية والثمانية موجبة والسبعة منفية، فيؤول الأمر إلى خمسة أجزاء الأمر، وعلى غير المشهور له عشرة إلا سبعة إلا خمسة إلا درهمين، قال الحنابلة‏:‏ يلزمه سبعة؛ لأنه أخرج سبعة ورد منها خمسة إلا اثنين، وذلك ثلاثة من سبعة فبقي منها أربعة، وهو أقل العشرة فيلزمه تسعة، فلم يسقطوا إلا إذا اتصل به ما يصيره أقل، وإن قال‏:‏ ثمانية إلا أربعة إلا درهمين إلا درهما لزمه خمسة، وإن قال‏:‏ له عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما بطل الاستثناء كله على القول بمنع استثناء النصف، وصح على الآخر ولزمه سبعة، وعلى هذا التفريع تجري الاستثناآت على الخلاف‏.‏

الثانية في الجواهر‏:‏ الاستثناء من غير الجنس جائز، نحو‏:‏ علي ألف درهم

وإلا ثوبا أو عبدا إلا دابة، وعند ‏(‏ش‏)‏ يجوز استثناء ما كان مكيلا أو موزونا أو معدودا فيجوز استثناء الحنطة من الدنانير، والجوز من الرمان، ونحوه مما يعد، وقال محمد وابن يوسف‏:‏ يصح من غير الجنس فيما يدخل تحت الذمة نحو ألف دينار إلا فلسا وإلا كر حنطة، وإن كان مما يدخل تحت الذمة من غير المكيل والموزون نحو‏:‏ إلا ثوبا أو إلا شاة فهو باطل، ومنع ابن حنبل الجميع، لنا قوله تعالى‏:‏‏{‏فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ‏.‏ وهو من الجن لقوله تعالى في الآية الأخرى‏:‏‏}‏ كان من الجن‏{‏وقوله تعالى‏:‏‏}‏ لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما‏{‏‏.‏ والسلام ليس من اللغو، وقوله تعالى‏:‏‏}‏ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة ‏.‏ قال العلماء‏:‏ هو ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ تقديره إلا أن تكون تجارة فكلوها بالسبب الحق، وبالقياس على المكيل والموزون‏.‏

احتجوا بالقياس على ما إذا ما قال‏:‏ بعتك بألف درهم إلا ثوبا، وأن الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل، وهذا لا يدخل فلا يكن استثناء، ولأنه من غير الجنس فلا يجوز كالتخصيص‏.‏

والجواب عن الأول‏:‏ الفرق بأن البيع يحل به الغرر بخلاف الإقرار يجوز بالمجهول، وإخراج ثوب من دينار يقتضي جهالة الثمن‏.‏

عن الثاني‏:‏ أن الحد يقبل المعارضة بل عندنا أربعة أقسام ما لولاه لوجب دخوله، نحو له عشرة إلا اثنين لكونه نصا، وما لولاه الظن دخوله، نحو‏:‏ أقتل المشركين إلا زيدا لكونه ظاهرا، وما لولاه لجاز دخوله من غير ظن، نحو صل إلا في المواطن السبعة فإنه لا يظن إرادتها من سماع الأمر، وما لولاه لقطع

بعد دخوله وهو المنقطع، فالحد العام عندنا هو إخراج ما تناوله اللفظ له قبله أو عرض نفس المتكلم‏.‏

عن الثالث أننا لا نسلم أنه يمتنع التخصيص بخبر الجنس إذا أفضى الطرفان في العموم؛ لأن ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عندنا يعود بالبيان على اللفظ على ما سيأتي‏.‏

تفريع في الجواهر‏:‏ قيل‏:‏ الاستثناء من غير الجنس باطل، ويلزمه ما أقر به كاملا، وإذا فرعنا على المشهور، يقال له‏:‏ اذكر قيمة العبد الذي استكتبته ويكون مقرا بما بقي بعد قيمة العبد، فإن استغرقت الألف لزمه الألف، وبطل الاستثناء كالاستثناء إن استثنى الكل بطل، وإلا صح، وقاله الشافعية غير أنهم زادوا في التفريع ما يناسبه، فقالوا‏:‏ ينبغي أن تكون القيمة مناسبة للثوب لئلا يعد نادما، قالوا‏:‏ وهذا إذا استثنى مجهولا من معلوم، فإن قيمة الثوب مجهولة وألف دينار معلوم، وعكسه‏:‏ له ألف إلا درهم بتفسير الألف، ويعود الحكم إلى الاستغراق فلا يقبل، وإلا قبل، وإن استثنى مجهولا من مجهول نحو مائة إلا عشرة، أو إلا ثوبا فعلى ما تقدم‏.‏

فرع‏:‏

قال القاضي ابن مغيث في وثائقه‏:‏ قال ابن السراج‏:‏ إذا قال له عندي مائة درهم إلا درهمين لزمه ثمانية وتسعون دينارا ‏(‏كذا‏)‏، وإلا درهما تلزمه المائة تامة؛ لأن الرفع يقتضي أن إلا بمعنى غير على البدل، فقد اعترف بمائة مغايرة لدرهمين فتلزمه، نظيره قوله تعالى‏:‏‏{‏لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا‏}‏‏.‏ أي غير الله‏.‏

الثالثة في الجواهر‏:‏ يجوز الاستثناء من العين غير العدد، نحو‏:‏ له هذه الدار إلا ذلك البيت، والخاتم إلا الفص، وهؤلاء العبيد إلا واحدا، ثم يعينه،

وله هذه الدار وبناؤها لي أو لفلان، وهذا البستان إلا نخلة، فإنها لي، قال أشهب‏:‏ إذا قال‏:‏ غصبت هذه الدار وبناؤها لي، أو بيته منها أو هذه البطانة، ولي بطانتها إذا اتصل كلامه؛ لأن الكلام بآخره، والأصل براءة الذمة‏.‏

الرابعة قال الشافعية‏:‏ إذا تقف ‏(‏كذا‏)‏ الاستثناء جملة منطوق به فهو كقوله على عشرة إلا عشرة وقيل‏:‏ عندهم يصح كما لو قال‏:‏ علي درهمان إلا درهما، وقاله المالكية في أنت طالق واحدة واحدة واحدة إلا واحدة تلزمه اثنتان، وخالف ‏(‏ش‏)‏ في الطلاق وهو الأصل، فإن أمكن العود إلى الجميع نحو له هذا الذهب وهذا الدينار وهذا التبر إلا مثقالا فالمنقول عن مالك وش عوده إلى الجميع؛ لأن الكلام بآخره، وآخر الكلام إنما يتعين بالسكوت، ولم يسكت عقيب شيء من الجمل، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ يختص بالجملة الأخيرة؛ لأن القرب يوجب الرجحان‏.‏

الخامسة قالوا‏:‏ إذا تكررت استثناآت بحرف العطف تعين عودها على أصل الكلام؛ لأن العرب لا تجمع بين إلا وحرف العطف؛ لأن إلا للإخراج والعطف بالواو للتشريك فهما متناقضان، نحو‏:‏ له عندي عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين، فإن استغرق الأصل سقط استثناؤه ولزمته العشرة؛ لأنه أبطل جميع كلامه، وقاله ‏(‏ح‏)‏، وقال صاحباه‏:‏ يسقط الأخير لا لمقتضى الاستغراق، ويصح ما عداه؛ لأن الأصل اعتبار الكلام بحسب الإمكان‏.‏

البحث الثاني

في الاستثناء المجهول، وفي الجواهر‏:‏ له علي مائة درهم إلا شيئا، يلزمه أحد وتسعون، وله عشرة آلاف إلا شيئا، يلزمه تسعة آلاف ومائة، وله درهم إلا شيئا، يلزمه أربعة أخماس درهم، وهذه تعسفات ما علمت لها مدركا من اللغة، ثم إنه جعله تسعة أعشار العشر في المائة وعشر آلاف وجعله الخمسين في

الدرهم، فلم يجر على قانون مع أنه قال بعد ذلك‏:‏ إذا قال له علي قرب المائة أو المائة إلا شيئا، قال سحنون‏:‏ أكثر أصحابنا أنه يلزمه ثلثي المائة ‏(‏كذا‏)‏ بقدر ما يرى الحاكم، وقيل‏:‏ ثلث المائة، وقيل‏:‏ ثلثاها، وقيل‏:‏ أحد وخمسون يزيد على النصف، هذا نقل الجواهر، وقال القاضي ابن مغيث في وثائقه‏:‏ إذا قال‏:‏ له علي عشرة إلا شيئا وإلا كسرا، صدق في تفسيره مع يمينه، يعني لأن الاستثناء يصح في العشرة إلى التسعة، فكما صح استثناؤه صح أن يفسر به الاستثناء المجهول، ولم يحك خلافا وهذا قول ‏(‏ش‏)‏، وقال الحنابلة‏:‏ لا يصح تفسيره بالنصف، بل لا بد أن يزيد عليه يسيرا، بناء منهم على امتناع استثناء المساوي، فطرد الفريقان أصلهما في الاستثناء المجهول في جواز استثناء الأكثر ومنعه، وقال ‏(‏ح‏)‏ كقول الحنابلة، فإنه إذا قال‏:‏ له علي مائة درهم إلا قليلا أو إلا بعضها، وأنت طالق ثلاثا إلا بعضها، لا بد أن يزيد على النصف في الباقي، فخالف أصله فيما ينقل عنه في جواز استثناء الأكثر، أو يكون له فيه قولان، وبالجملة فهذه أقوال معقولة ولها مرجع من اللغة بخلاف الأولى فاعلمه، وقد سئل بعض الفقهاء إذا قال له شيء ومائة، رجع لتفسيره في الشيء، وله مائة إلا شيئا يلزمه أحد وستون، ما الفرق قال‏:‏ الفرق أن العرب لا تستثني من العشرات إلا الآحاد ومن المئين إلا العشرات، وكذلك معين واحد من العشرة لئلا يكون مثل قوله‏:‏ له علي عشرة إلا عشرة، بخلاف العطف يعد في القليل والكثير، فرجع إلى تفسيره، وهاهنا أنه استثناء أكثر العشرة، فقيل عنه أحد وتسعون، وكذلك الكلام في ألف إلا شيئا، وهذا نقل يعسر عليه تحقيقه، بل العرب تقول مائة إلا عشرة وإلا عشرون، وألف إلا مائة وألف إلا مائتان، إن المسل ‏(‏كذا‏)‏ هو أو الألف فلها إخراج أقله ونصفه وأكثره على الخلاف في النصف والأكثر‏.‏

البحث الثالث

فيما يعقب الإقرار من المعاني المبطلة له، وفيه أربع عشرة مسألة‏.‏

الأولى في الجواهر‏:‏ له علي ألف من ثمن خمر أو ميتة، لم يلزمه شيء‏.‏

لأن الكلام بآخره إلا أن يقول الطالب‏:‏ بل من تمر، فتلزمه مع يمين الطالب، وقاله ‏(‏ش‏)‏ و‏(‏ح‏)‏؛ لأنه وصل كلامه فأسقط جملته فيقوم الطالب عليه، كما لو قال‏:‏ له عندي عشرة فلو قال‏:‏ اشتريت منه خمرا بألف، لم يلزمه شيء؛ لأنه لم يقدم في كلامه بسبب لزوم شيء له أو يقتضي عدم اللزوم بخلاف الأول‏.‏

الثانية قال في الجواهر‏:‏ له علي ألف من ثمن عبد، ثم قال‏:‏ لم أقبض، قال ابن القاسم وسحنون وغيرهما من أصحابنا‏:‏ يلزمه الثمن ولا يصدق في عدم القبض، كأنه يكر على الإقرار بالاستثناء المستغرق، وقيل‏:‏ يصدق وعلى البائع البينة أنه سلم العبد إليه؛ لأن الأصل عدم القبض، وهو لم يعترف مطلقا بل بثمن العبد، وكذلك اشتريت منه سلعة بمائة درهم لم أقبضها منه، القول قوله وعند ‏(‏ش‏)‏‏:‏ إذا قال اشتريت منه سلعة بألف، ولم يقبضها، يصدق مع يمينه اتفاقا، وله علي ألف درهم من ثمن مبيع لم أقبضه، ووصل قوله فكذلك، ولم يلزمه تسليم الألف حتى يقبض، سواء وصل بإنكار القبض أو سكت حتى انقطع كلامه؛ لأن الأصل عدم القبض، وقال ‏(‏ح‏)‏‏:‏ إذا عين المبيع قبل منه وصل الإقرار أم لا؛ لأن عين المبيع لا يلزمه ثمنه، فأشبه ما لو قال‏:‏ من ثمن خمر بخلاف المعين، وعند ‏(‏ش‏)‏ قال‏:‏ له ألف وسكت حتى ينقطع كلامه ثم قال‏:‏ من ثمن مبيع لم أقبضه، لم يقبل منه لاستقرار الإقرار بالسكوت‏.‏

الثالثة في الجواهر‏:‏ إذا أقر بمال من ثمن خنزير ثم أقام بينة أنه رباه وأنه إنما أقر أنه من ثمن خنزير، إلا أن يقيم بينة على إقرار الطالب أنه ربا لاضطراب كلامه، وقال ابن سحنون‏:‏ تقبل بينته أنه ربا، ويرد إلى رأس ماله ولا يكون إقراره ملك ‏(‏كذا‏)‏ بالبينة، وبالأول قال سحنون‏.‏

الرابعة في الجواهر‏:‏ علي ألف لا يلزمه، أو زور أو باطل لزمته إن صدقه غريمه في الملك وكذبه في قوله زور وباطل، كما لو قال‏:‏ له عشرة إلا عشرة، وإن صدقه فيهما لم يلزمه شيء لاعتراف المقر له بالسقط‏.‏

الخامسة في الجواهر‏:‏ له علي مائة قضيتها لا يقبل قوله في القضاء، كما لو قال‏:‏ له علي مائة إلا مائة، وقاله ‏(‏ش‏)‏‏:‏ ولو ادعى القضاء قبل الإقرار وقامت البينة لم تمنع دعواه ولا يمينه؛ لأنه كذبها بإقرار، والإقرار أقوى من الدعوى إلا أن يقول بعد الإقرار‏:‏ وما قبضتها، ولم يقبل قبل الإقرار فسمع ببينة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الإقرار حينئذ‏.‏

السادسة في الجواهر‏:‏ له علي ألف إن شاء الله تعالى، لزمه الألف ولا ينفعه الاستثناء؛ لأن الإقرار خبر عن الواقع، والواقع لا يقبل التعليق على الشروط، وقاله ‏(‏ح‏)‏، وقال‏:‏ إلا أن يكون الشرط نحو إن جاء رأس الشهر أو جاءني بعبدي الآبق؛ لأن هذا الإقرار إخبار عن حصول المسبب، ولا يلزمه شيء حتى يحصل ذلك الشرط‏.‏

السابعة في الجواهر‏:‏ علي ألف فيما أظن أو ظننت أو أحسب أو حسبت لزمه؛ لأن حقوق العباد وحقوق الله تعالى تكفي فيها الظنون، وقال محمد‏:‏ إذا قال فيما أعلم وفي علمي أو فيما يحضرني فهو شك لا يلزم بدليل الشهادة‏.‏

الثامنة في الجواهر‏:‏ له ألف مؤجلة، لزمته مؤجلة إذا كان الأجل غير مستنكر، وقاله ‏(‏ش‏)‏؛ لأن التأجيل لا يسقط الحق بل ليقضه ‏(‏كذا‏)‏ فهو استثناء البعض، وقيل‏:‏ يحلف المقر ويستحقه حالا، وقاله ‏(‏ح‏)‏؛ لأنه رفع المطالبة في الحال فيسقط التأجيل، كما لو قال‏:‏ قضيتها وذكر الأجل بعد الإقرار لم يقبل اتفاقا بين الأئمة، ولو قال‏:‏ علي ألف مؤجل من جهة القرض؛ لأنه شأن القرض، أما إن يدعي الطالب الحلول صدق مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الاشتراط‏.‏

التاسعة في الجواهر‏:‏ من كتاب ابن سحنون‏:‏ له علي مائة درهم إن حلف أو إذا حلف أو متى حلف أو حين يحلف أو مع يمينه أو في يمينه

أو بعد يمينه، فحلف المقر ونكل المقر له، وقال‏:‏ ما ظننت أنه يحلف، لا يلزمه شيء؛ لأن ظاهر حال اشتراطه ذلك إذ لم يعترف بشيء، وقال ابن عبد الحكم‏:‏ إن حلف وإن ادعاها، أو‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ على حلفها بالعتق أو بالطلاق أو بالصدقة أو قال‏:‏ استحل ذلك، وإن كان يعلم أنها له وإن أعارني رداءه، أو دابته، أو قال‏:‏ إن شهد بها على فلان فشهد بها عليه، فلا يلزمه شيء في هذا كله؛ لأن ظاهر حاله عدم الإقرار، وأما إن قال‏:‏ إن حكم بها فلان لرجل، سماه، فتحاكما إليه، فحكم بها عليه لزمه؛ لأنه علق اللزوم على سببه، فيلزمه عند حصول سببه، بخلاف الشروط الأولى ليست أسبابا بل استبعادات، وعند ‏(‏ش‏)‏ إن جاء رأس الشهر فله مائة قولان، وإن قال‏:‏ إن شهد شاهدان لم يلزمه شيء شهدا أم لا، وكذلك إن شهد فلان علي صدقته، لأنها وعود عنده، وقد يصدق من ليس بصادق‏.‏

العاشرة في الجواهر‏:‏ له علي مائة وديعة لا تكون إلا وديعة؛ لأنه لم يعترف على ذمته بشيء، والأصل براءتها، وعلى مستعمل الوجوب التسليم، والوديعة يجب تسليمها، وكذلك لو قال دين لم يلزمه إلا دينار، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ وإن قال قبلي، أوله على مائة درهم دينا وديعة، لزمته دينا؛ لأنه قال‏:‏ يتعدى في الوديعة فتصير دينا‏.‏

الحادية عشرة في الجواهر‏:‏ لك هذه الشاة أو هذه الناقة فلك الشاة، ويحلف المقر ما أقر بالناقة تلك؛ لأن عدوله إلى الناقة إبطال للشاة فلا يسمع منه، ولو حلف‏:‏ ما لك فيها جميعا شيء، وادعيت كلها، لم يقبل قولك في الناقة، فالقول للمقر في الشاة؛ لأنه لم يجزم لك بالناقة لأخذ الشاة دون الناقة تبقى ‏(‏كذا‏)‏ في المقر‏.‏

الثانية عشرة في الجواهر‏:‏ غصبت هذا العبد من فلان، ثم قال‏:‏ لا بل من فلان، ففي كتاب ابن سحنون‏:‏ هو للأول مع يمينه؛ لأن الثاني ذكره إبطال،

فلا يسمع، وللآخر قيمته يوم القبض مؤاخذة له بإقراره بحسب الإمكان‏.‏

الثالثة عشرة في الجواهر‏:‏ قال‏:‏ في ثوبين في يد أحد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏‏,‏ وقال‏:‏ لا أدري أيهما هو، حلف المقر له أن أجودها للمقر له، فإن حلف ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وإن نكل حلفت، وكنتما شريكين في الثوبين، وكذلك إن نكلتما أو حلفتما إلا أن يقول‏:‏ لا أعرفه، فيقول المقر له‏:‏ أنا أعرفه، فيؤمر بتعيينه، فإن عين أدناهما أخذه، أو أجودهما أخذه بعد الحلف للتهمة في الجودة، ولو قال المقر‏:‏ أدناهما هو ثوبه، حلف ولم يأخذ؛ لأن الأصل عدم ملك الزيادة لك، ولو قال‏:‏ لك علي درهم أو على فلان ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ الإقرار اللازم على نفسه، ويحلف، قال الشيخ أبو محمد‏:‏ على أصل سحنون يلزمه دون فلان؛ لأن الكلام الثاني رافع لجملة الأول، فيبعد ضده فلو قال عشرة العشرة ‏(‏كذا‏)‏‏.‏

الرابعة عشرة قال القاضي ابن مغيث في وثائقه‏:‏ إذا أقررت بمائة درهم ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وقال الطالب‏:‏ بل ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ المقر مع يمينه عند ابن القاسم وأهل العراق وكذلك لو قال‏:‏ أنا أقررت لك في نومي أو قبل أن أخلق؛ لأن الأصل براءة ذمته ولو بحاله يغرم فيها شيء، ويلزمه عند سحنون، وإن قال‏:‏ أموري العقد، فإن علم أن ذلك إجابة صدق، وإلا فلا؛ لأن الأصل عدم عروض هذه الحالة، بخلاف ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وإن أقر سالم وقد كان مشتركا محارب أنه أخذ ألف درهم في حرابته، وقال‏:‏ بل بعد إسلامك، لم يلزمه شيء عند ابن القاسم لما تقدم، ويلزمه عند سحنون؛ لأن الحربي يضمن ولو أقر المسلم المقر له ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ من الحربي في دار الحرب مائة دينار، وقال الحربي‏:‏ بل بعد الإسلام، صدق المسلم عند ابن القاسم، وصدق الحربي عند سحنون‏.‏

الرابع في الإقرار بالنسب

وهو أصل الإقرار وفي الجواهر‏:‏ إن قال‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ هذا إنه التحق به سالم فكذبه لأجل ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ يكون أكفر منه أو الشرع ‏(‏كذا‏)‏ بأن يكون مشهور النسب ويعرف كل ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ والرجل فارسيا، فلا يلحق به؛ لأن الإقرار إخبار، والخبر الكاذب لا عبرة به، قال ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ولا يكذب حر‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ النسب لحق به عند ابن القاسم؛ لأنه الضرورة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏الدين ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏غيره ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ كانت ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ضرورته لبراءة ذمته من الديوان، وقال سحنون‏:‏ لا يلحق ولا ملك يمين؛ لأن عدم الفراش سبب عدم النسب، كما أن الفراش سببه ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ هنا يلحق به، لا يلتفت لإنكار الولد صغيرا كان أو كبيرا؛ لأن النسب حق الله تعالى ليس له إبطاله، والله أعلم به منه، فيقدم عليه، ووافقنا ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل في الشروط المتقدمة، ولا يشترط أن يكون الملحق مسلوب العمارة، ‏(‏كذا‏)‏ والكبير عندهما، فلا بد من موافقته، كما لو أقر له بمال، والفرق حق الله تعالى في النسب، كما لو أقر له بالجزية لا بد من موافقته‏.‏

وفي هذا الباب أربعة عشر فرعا‏.‏

الأول في الجواهر‏:‏ إذا قال في أولاد أمته‏:‏ أحدهم ولدي، وهم ثلاثة، ولم يعرف عينه، فالصغير منهم حر وحده؛ لأنه إن كان هو الولد فهو حر، أو الأكبر

فقد صارت الأم أم ولد، وأولادها بمنزلتها في الحرية، فالصغير حر، أو الأوسط، تعينت الحرية له، وللصغير دون الكبير؛ لأنه ابنها قبل أن تصير أم ولد فهو رقيق، وقال المغيرة‏:‏ يعتق الأصغر وثلث الأوسط وثلث الأكبر؛ لأن الصغير حر على كل تقدير، والأوسط حر في وجهين رقيق في وجه، والأكبر حر على تقدير واحد عبد على تقديرين، وقال ابن عبد الحكم‏:‏ يعتقون كلهم، للشك في السبب المبيح لمنافعهم في السبب ‏(‏كذا‏)‏، يصح ترتب السبب، فلو ادعى الصغير وادعت أمهم الأوسط والكبير، فالقول قوله؛ لأنه حق تعلق به فيصدق كالمال، ولو أقر له الأوسط خاصة لزمه هو والأصغر إن ادعته الأم منهم، لأنها صارت فراخا ‏(‏كذا‏)‏ بالأوسط فيلحقه بأمه بعده، إلا أن يدعي الاستبراء فيه، وإن اعترف بالكبير لزمه الجميع إن ادعت الأم الآخرين إلا أن يدعي الاستبراء فيها، وإلا فلا، والقول قوله، لا يلحق به من لم يلحق به ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ولدهم ولده‏.‏

الثاني لو ولدت زوجة رجل غلاما وأمته غلاما وماتتا، فقال الرجل‏:‏ أحدهما لي ولا أعرفه، دعي لهما القافة، فمن ألحقوه به لحق به، ويلحق بالآخر الآخر‏.‏

الثالث لو نزل رجل ضعيف على رجل، وله أم ولد حامل، فولدت هي وولدت امرأة الضعيف في ليلة صبيين، ولم يعرف واحد منهما ولده، وقد أعيى ‏(‏كذا‏)‏ أحدهما وبقي الآخر دعي لهما القافة؛ لأنه لا مرجح لأحدهما، وقال سحنون فيمن ولدت امرأته جارية وأمته جارية وأشكل عليه ولد الحرة منهما، ومات الرجل ولم يدع عصبة ليستدل بها القافة على ولد الميت‏:‏ ليس في مثل هذا قافة ولا تكون المواريث بالشك، وفي كتاب محمد بن ميسر في امرأة طرحت بنتها ثم عادت لأخذها فوجدتها وأخرى معها، ولم تعرف بنتها منهما، قال ابن

القاسم‏:‏ لا تلحق بزوجها واحدة منهما؛ لأنه لا ميراث ولا نسب بالشك، وقال سحنون‏:‏ يدعى لهما القافة؛ لأنه سبب ينقل عن الشك، وقال عبد الملك وسحنون‏:‏ لا تلحق القافة إلا بأب حي، فأما إن مات الأب فلا يقبل القافة في ذلك؛ لأنه لا يقبل على نسبه غير الأب، وقد فقد‏.‏

الرابع قال‏:‏ إذا أقر عند موته أن فلانة جاريته ولدت منه، وأن بنتها فلانة ابنته، وللأمة ابنتان أخريان، ثم مات، ويثبت البينة والورثة اسمها، وأقر بذلك الورثة، فهن كلهن أحرار، ولهن الميراث ميراث واحدة، لأنها ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ والبنات تبع لأجل اللبن كاختلاط المذكاة بالميتة، وأخت الرضاع بالأجنبية، فيقتسمنه، ولا يلحق نسب واحدة من البنات، فإن لم يقر الورثة بذلك ونسيت البينة اسمها، فلا تعتق واحدة منهن لعدم ثبوت السبب بالإقرار والبينة‏.‏

الخامس في الجواهر‏:‏ إذا استلحق ولده، ثم أنكره، ثم مات الولد عن مال، قال ابن القاسم‏:‏ يوقف المال، فإن مات المستلحق كان لورثته، وقضي به دينه، فإن قام غرماؤه وهو حي أخذوه في ديونه‏.‏

السادس في الجواهر‏:‏ إذا تعدى الإقرار المقر بأن يقر بغير الولد فيضر الولد أو بأخوة أو عمومة فهو إقرار على الغير بالنسب فلا يقبل، ولا يثبت له بذلك نسب، إن كان له ولد معروف فلا يرث هذا منه شيئا، وإن لم يكن له وارث معروف ولا مال عند هذا الذي أقر له فإنه يرثه بذلك الإقرار، سواء كان ذلك في الصحة أو في المرض، لتعين الإقرار له، إلا أن يأتي وارث معروف بالبينة، فهو أحق، كمن ادعى مالا وشهد به لغيره، وقال سحنون‏:‏ لا يرث وإن لم يكن له وارث معروف؛ لأن المسلمين يرثونه، فهم كالوارث المعروف، وسبب الخلاف هل بيت المال كالوارث المعروف أم لا، وهو سبب الخلاف في تنفيذ وصية من لا وارث له إلا بيت المال بجميع ماله‏.‏

السابع في الجواهر‏:‏ إذا شهد عدلان بالعتق ثبت الولاء أو شاهد واحد‏.‏

ففي الموازية‏:‏ لا يثبت ولاء، ويستأني بالمال، فإن لم يأت من يستحقه حلف هذا ودفع إليه؛ لأن المال يثبت بالشاهد واليمين، ومنع أشهب حتى يثبت الولاء بشاهدين؛ لأنه أصل المال، وعدم ثبوت الأصل يمنع الفرع، ولو شهد عدلان أنهما لم يزالا يسمعان أن فلانا يذكر أن فلانا ابن عمه أو مولاه، قال ابن القاسم‏:‏ هو كشاهد واحد إن لم يكن للمال طالب غيره أخذه مع يمينه بعد الثاني لرجحان السبب في حقه من غير معارض، وإن لم يكن للمال له طالب غيره أثبت من هذا، وهو أولى بالميراث لرجحانه عليه، ولا يثبت للأول هاهنا نسبه، وروى أشهب أنه يثبت بذلك الولاء؛ لأنه في معنى الاستفاضة والسماع، ولكن يتأنى فلعل أحدا يأتي بأولى من ذلك‏.‏

الثامن في الجواهر‏:‏ إذا أقر الوارث بوارث آخر يشاركه فإنه يثبت بذلك الإرث دون النسب، ولو أقر ولد بولد آخر لم يثبت نسبه، وإن لم يكن وارث سواه؛ لأن النسب يتعدى للغير ويثبت بالإقرار، لكن يقسم المال بينهما على السوية إن كانا من جنس واحد، وعلى التفاضل إن كانا من جنسين، فإن كانا ابنين فأقر أحدهما بثالث، فإن وافق الثاني اقتسموا المال بينهم أثلاثا، وإن لم يصدقه أعطاه المقر ما بيده ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ القسمة على الإنكار على القسمة على الإقرار؛ لأن إقراره لا يتعداه ضرورة، وإن كان المقر عدلا أخذ باقي نصيبه من المنكر؛ لأنه شهادة بسبب العدالة تتعدى للغير، فقد يبين المقر له ولو شهدا جميعا بالنسب، وهما خلاف يثبت النسب ويرث ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ ولو ترك ولدا واحدا، فقال لأحد الشخصين‏:‏ هذا ابني، بل هذا الآخر، فللأول نصف ما ورث عن أبيه؛ لأنه مقتضى أول إقراره، واختلف فيما يأخذه الثاني منه، فقيل‏:‏ نصف ما بقي في يده تسوية، وقيل‏:‏ له جميعه؛ لأنه أتلفه عليه موروثه، ولو ترك أما وأخا، فأقرت بأخ آخر، فإنها تعطيه نصف ما بيدها، وهو السدس لأنها اعترفت أنها لا تستحق إلا السدس، فيأخذه المقر له وحده، وعليه جماعة

الأصحاب، وروي يقسمه وهو ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عن الابنين الأخوين، وقد وقع خلافه في بعض هذه المسائل، أنا ذاكره إن شاء الله، قال الطرطوشي‏:‏ إذا أخر أحد الابنين‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وصدقه المقر له لم يثبت النسب ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ويختص ما يأخذه المقر إلا أن يكون المقر عدلا فيحلف مع شاهده ويأخذ من الآخر حقه، ولا يثبت بذلك نسبه من السيد، فإن مات المقر لم يرثه المقر له، بل أخوه الثابت النسب إلا أن يموت أخوه الثابت النسب، قال سحنون‏:‏ فيرثه لعدم المزاحم، وإن مات المقر له ورثه المقر لاعتراف المقر أن الآخر يستحق النصف، لقوله هو أخوه، وافقنا ‏(‏ح‏)‏ في عدم النسب والمشاركة فيما في يده ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏‏,‏ وقال‏:‏ لا يعطيه نصف ما بيده؛ لأن السدس معه زائد فوجب إقراره فيعطيه خاصة، وقاله ابن حنبل، وقال ‏(‏ش‏)‏‏:‏ لا يثبت النسب‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏؛ لأنه لا يتبعض في حق المقر دون غيره، فلا جرم لم يثبت إجماعا، ولا يثبت الإرث؛ لأنه فرعه، وأصل المسألة أن موجب الإقرار عندنا الشركة، وعنده النسب‏.‏

لنا أن الميراث متعلق بالتركة فيتعلق إقراره بها، كما إذا أقر بدين على أبيه وجحده الآخر، ولأنه أقر بأمرين أحدهما على غيره والآخر على نفسه، فثبت فيما يتعلق به خاصة وهو المال، كما قال‏:‏ بعت منك هذا العبد بألف وأعتقه، يلزم البيع دون العتق، أو قال لعبده‏:‏ أعتقك على ألف، يلزم العتق ولا شيء له على العبد، أو قال‏:‏ هذه أختي، حرم عليه زواجها، ولا يثبت نسبها، ولو قال‏:‏ بعت هذا الشقص وأنكر المشتري، ثبتت الشفعة دون الشراء ونظائر ذلك كثيرة من الإقرار المركب فهذا مثله‏.‏

احتجوا بالقياس على ما إذا أقر بمعروف النسب، وإذا كذبه المقر له أو كان أبوه نفاه باللعان، والجامع إلى الأصل المقصود لم يثبت، فلا يثبت فرعه الذي هو الإرث، وكذا لو قال‏:‏ تزوجت هذه، وكذبته، لم يثبت الصداق، والمقصود ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏هو النسب، بخلاف الصور المتقدمة؛ لأنه لو استلحق ابنا فقد أثبت‏.‏

نفسه عليه النفقة والميراث وكثيرا من الحقوق مع أن الإقرار لا يوجب حقا للمقر بذلك، على أن ما عدا النسب غير المعتبر البينة بل لا يقع إلا فيها، أو يقول‏:‏ أقر بحق، فإنه حق لا ينفك أحدهما عن الآخر، فإذا لم يثبت أحدهما لا يثبت الآخر، فأما إذا قال‏:‏ بعتك هذه السلعة بألف، وأنكر المشتري، فإذا لم يثبت الثمن لا يجب عليه تسليم السلعة‏.‏

والجواب عن الأول أن تلك الصورة لم يثبت النسب فيها على الإطلاق لقيام المعارض، وهاهنا لا معارض، ولأنه هاهنا فرضه قيام البينة، ويرق بالإقرار كسائر الأموال، وقيل‏:‏ لا يرق لوجود مبطلها، وأما قولهم إن النسب هو العمارة، ‏(‏كذا‏)‏ وما عدا المبتع ‏(‏كذا‏)‏ فلا يلزم من ضعف أحد الأمرين ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ بالإقرار؛ لأن أسباب إثبات الحقوق والبينات سوى الشرع فيها بين عظيم الحقوق وحقيرها، فهذا الفرق ملغي بالإجماع‏.‏

عن الثاني أن أحد هذين قد ينفك عن الآخر، فإن أحد الأخوين قد يرث الآخر من غير عكس لأجل قتل أو رق، فقد انفك النسب عن الإرث، وسقط الإرث عن السبب في الزوج والمولى، قال الطرطوشي‏:‏ فإذا ترك ابنا واحدا لا وارث له غيره فأقر بأخ لم يثبت نسبه ولا يثبت إلا بقول وارثين عدلين، فإن كان جميع الورثة غير عدول لم يثبت بإقرارهم، ووافقنا ‏(‏ح‏)‏ فإنه لا يثبت بالوارث الواحد، وإن حاز جميع المال، وقال‏:‏ يثبت بوارثين غير معدلين، وبرجلين وامرأتين، وقال ‏(‏ش‏)‏ وابن حنبل‏:‏ يثبت النسب والميراث للوارث الواحد إذا حاز جميع المال ذكرا كان أو أنثى، وإن كانوا جماعة لا يثبت إلا بإقرار جميعهم، ولا يعتبر الأئمة العدالة، وأصل المسالة أن هذا القول شهادة فتشترط العدالة، أو إقرار فلا تعتبر العدالة، كما أنه إثبات نسبه على الغير فتشترط العدالة كالأجنبي؛ لأن هذا القول يثبت الحقوق بين الأب والمقر له من النفقة ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وسقوط العود في بعض الصور، أو يقول‏:‏ إنما يثبت النسب

بمجرد الإقرار ممن يملك نفقته كالأب، والوارث لا يملك بقيته، فلا يثبت بإقرار، أو رجل يملك استلحاق النسب فلا يثبت بإقراره كالأجنبي، ولأن قبول شهادتهم على خلاف القياس، لأنها شهادة لهم فيها حظ، وإنما قبلت استحسانا، فالإقرار أولى أن لا يقبل‏.‏

احتجوا بما في الصحاح أن سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ابن وليدة زمعة، فقال سعد‏:‏ هو ابن أخي عتبة، عهد إلي إذا دخل مكة أن آخذ ولده منها، وأنه ألم بها في الجاهلية، وقال عبد بن زمعة‏:‏ بل أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر‏.‏ فقضى بقول عبد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ أن الوارث يقوم مقام الموروث في ديونه ودعاويه وماله، وعليه فكذلك للنسب، ولأن ما ثبت بإقرار الاثنين ثبت بالواحد كالميراث والوصية والدين، أو هو إقرار يثبت به الإرث، فيثبت به النسب كإقرار الجد بابن ابنه‏.‏

والجواب عن الحديث من وجوه‏:‏

الأول أنه يحتمل أنه ألحقه به خاصة، وليس في اللفظ عموم يبطل هذا الاحتمال، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لسودة‏:‏ احتجبي منه فإنه ليس بأخ لك‏.‏ وهو ظاهر في عدم إثبات النسب؛ لأنه لو أثبته لكان أخا لعبد، فيكون أخا لسودة‏.‏

الثاني أنه قضى له بالملك؛ لأن قوله لك ظاهر في الملك، وقد روي‏:‏ هو لك عبد‏.‏ فصرح بالملك، ولذلك قال لسودة‏:‏ احتجبي منه‏.‏

الثالث أنه متروك الظاهر؛ لأنه أثبته بقول واحد، وعندكم لا يثبت إلا بإقرار جميع الورثة، وسودة من جملة الورثة ولم يعتبر إقرارها‏.‏

الرابع إنما أثبت النسب بالفراش‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ عبد، وقد كان يثبت أنها فراشه بإقرار زمعة أنها فراشه، فيثبت الفراش بقوله والنسب ضمنا، كما لا يثبت النسب

بشهادة النساء، وتثبت الولادة بمشاهدتهن ويثبت النسب ضمنا، والمكاتب يقيم شاهدا واحدا على أداء نجومه ويحلف معه فيصير حرا، والحرية لا تثبت بالشاهد واليمين، فإن قيل‏:‏ كيف يقضي بالملك وعبد بن زمعة ادعى النسب وأقر بالحرية، وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ الولد للفراش‏.‏ والفراش سبب النساء لا سبب الرق ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ مترددة بين الاختصاص والملك، أو هو أخ لك دون غيره فلا يتعين، وأما قوله في تلك الرواية‏:‏ هو لك عبد‏.‏ فعلى حذف حرف النداء، أي يا عبد، وقوله احتجبي منه يا سودة‏.‏ على سبيل الاحتياط لأجل ما رأي من الشبه، فإن الحكم يتبع السبب لا الدعاوى، وقوله‏:‏ الولد للفراش ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ منه بالإجماع وثبوت حكم الفتيا يتوقف على ثبوت سببها، فلم قلتم إن سببها‏.‏ وحذف الأم ‏(‏كذا‏)‏ ظاهرة في الملك فيتعين، لا سيما مع ما ذكرناه من القرائن، وأما حذف حرف النداء فالأصل عدم الحذف، فيتعين ما ذكرناه، والحجب للاحتياط لا يستقيم؛ لأن السبب إن ثبت فلا احتياط أو لا فتتعين الحجبة وعدم إلحاقها‏.‏

والجواب عن الثاني أن الوارث لو قام مورثه لكان له نفيه أو استلحاقه بعد نفي أبيه له، وليس فليس، ولأن الموروث يعترف على نفسه والوارث على غيره، والاعتراف على الغير غير مقبول‏.‏

عن الثالث أنه يبطل بما إذا أنكر بعضهم، وبالنصاب في الشهادات يثبت بأكثر من الواحد دون واحد‏.‏

عن الرابع أن أشهب قال‏:‏ يستلحق الأب والجد، وعن مالك لا يستلحق الجد فيمنع على هذا القياس، ثم الفرق أن الجد يستلحق بنفسه وهاهنا بغيره، فافترقا‏.‏

التاسع قال ابن يونس‏:‏ إذا قال في صبي إنه ابنه فجمهور المدنيين لا يثبت النسب والاستلحاق إلا أن تكون أم الصبي كانت في ملكه بنكاح أو ملك، فيكون أصل الحمل في ملكه، وولد في يديه، أو بعد خروج الأم من يديه

بما يخرج به مثلها إلى ما يلحق به الأنساب، وهو خمس سنين بدونه، أو لم يكن للولد نسب معلوم، فإن فقد من هذه شرط لم يقبل قوله، هذا قول الجماعة وأحد قولي ابن القاسم، ثم رجع إلى قبول قوله، وإن لم يقبل للأم خبر إذا صدقه الولد، أو هو صغير في حوزه لا يعرف عن نفسه إلا أن يتبين كذبه؛ لأن الظاهر صدقة، وحمل تصرف المسلمين على وجوه صحته، وكذبه إما بأنه لا يولد ذلك لمثله، أو له نسب معروف، أو الولد محمول من أرض العدو أو بلد يعلم أن الأب لم يدخلها قط، وتشهد البينة أن أمه لم تزل زوجة فلان غير هذا، فإن شهدت أنها لم تزل أمة فلان حتى ماتت لا يمنع لاحتمال زواجها أمة، وإذا أقر بأب وصدقه الأب فهو الفرع المقدم؛ لأن بتصديق الأب صار مستلحقا له‏.‏

العاشر قال‏:‏ إذا أقرت بزوج أو أقر بزوجة وصدقه الآخر صاحبه، وهما غريبان طارئان قبل قولهما المدنيون، ولم يكلفا بينه على عقد النكاح سدا للذريعة أباح الإبضاع بغير سبب شرعي، وإن أقر الرجل أو المعتق بمعتق أعتقه بثلث وهو الوارث إلا أن يتبين كذبه بأن يعرف ولاؤه لغيره، أو هو معروف بأصالة الحرية، ومن أقر بولد، أو أب أو زوج أو مولى أو رجل بزوجته، وله وارث معروف، ذو سهم أو عصبة، ورث المعروف مع المقر به كما لو ثبت بالسنة‏.‏

الحادي عشر قال‏:‏ لا يصح عند جميع الناس استلحاق أخ أو ابن أخ أو ابن أب أو جد أو عم أو ابن عم؛ لأنه استلحاق بفراش الغير، ألا ترى أن المرأة لما لم يكن لها فراش؛ لأن لفراش لزوجها لم يكن لها استلحاق الولد بخلاف الزوج والمولى والأب والزوجة، فهؤلاء الأربعة هم الذين يجوز الإقرار لهم كما تقدم، وحيث لا يثبت فمات المقر أو المقر به، والميت وارث يحيط بالمال، فلا شيء للمقر اتفاقا، وإن فضل شيء عن المعروف فلبيت المال عند المدنيين، ونقل عن ابن القاسم أن ما فضل للمقر إذا كان عصبة فإن لم يكن له وارث معروف فالمال لبيت مال المسلمين إلا ما نقل عن ابن القاسم، وقال سحنون

وأصبغ‏:‏إذا لم يكن له وارث ورثه المقر ولا يثبت نسب، فإن أقام بعد ذلك آخر البينة أنه وارث أخذه من المقر، وعن سحنون نحو الأول‏.‏

الثاني عشر قال‏:‏ إذا ترك ابنا فأقر بأخ له يعطيه نصف جميع المال اتفاقا، فإن أقر بعد ذلك بأخ آخر قال سحنون‏:‏ ذلك كولدين ثابتي النسب يقر أحدهما بأخ ثالث لهم يدفع له ثلث ما في يديه، وكذلك إذا أقر برابع أو خامس يدفع له الذي يستقبل بعد إقراره وعيتك ‏(‏كذا‏)‏ ما زعم أن له، قال سحنون‏:‏ وهو معنى قول ابن مغيرة؛ لأن السابق بالإقرار صار كالمتصل بالبينة، وقال أشهب‏:‏ لا ينظر في هذا إلى ما يجب للمقر، بل إلى ما يحب للمقر به؛ لأن جميع المال كان في يد المقر، وكان قادرا على أن يقر له به جميعا، ولا يتلف على المقر به ثانيا شيء مما يجب، فإذا أقر ثالثا فقد أقر أن الذي يجب للثالث ثلث جميع المال، فيدفع ذلك إليه، ويبقى في يده السدس، فإن أقر برابع أعطاه من عنده ربع جميع المال، فيعطيه السدس الذي بيده، ويغرم له من ماله تمام ربع جميع المال، وهو أضعف سدس، وكذلك إن أقر بخامس غرم له من ماله مثل خمس جميع المال، ثم على هذا سواء كان غرم الأول ما يجب له قبل إقراره بالثاني إن لم يغرم شيئا غرم للأول نقص أم لا، أقر بالأول عاما بالثاني أم لا؛ لأن جميع المال كان في يده فقد أتلف على المقر به الآخر حقه عمدا أو خطا، وهما وموجبان للضمان، فإن أقر بثالث وأنكر الأول والثاني فعلى مذهب سحنون يقاسم الثالث ما بقي في يده نصفين، وعلى مذهب أشهب يدفع للثالث مثل نصف جميع المال‏.‏

الثالث عشر قال‏:‏ إذا أقر بأخ له فقال المقر به‏:‏ صدق ولكني الوارث وحدي، يصدق المقر عند أهل العراق، ويعطيه نصف ما بيده؛ لأنه أصله فيقام عليه، وقال ابن نافع‏:‏ للمقر به جميع ما بيده لأنهما قد اجتمعا على أن المقر به وارث، واختلفا في ميراث المقر، فالجميع عليه أولي، قال ابن بكر منا‏:‏ ويحتمل عنده أن للمقر ربع المال والباقي للمقر، لأنها مسألة نزاع في النصف، وأما النصف الآخر فقد سلمه المقر للمقر به، فيقتسم المتنازع فيه بعد ‏[‏‏.‏‏.‏‏.‏‏]‏ وأما لو

كان المقر ثابت النسب فلا يكون للمقر به إلا نصف المال اتفاقا، ولو قال‏:‏ فلانة بنت زوجتي ورثتها وأنت أخوها ترثها معي، فقال المقر به‏:‏ أنا أخوها ولكن لست أنت زوجها، أو قالت امرأة ذلك في بنت إنه زوجها وأن فلانا أخوه، وحجدها الأخ، فالمال للأخ في قول أهل العراق، وعند زفر لا يرث الزوج ولا الزوجة شيئا ولا يصدقان في النكاح إلا ببينة إلا أن يصدقهما الوارث، والولاء كالزوجة في ذلك، وليس هذا كالإقرار في الأنساب، وقال الحسن بن خليفة‏:‏ حكم الزوج والزوجة وغيرهما في الإقرار سواء، يأخذ الزوج والزوجة ميراثهما والفاضل للمقر به؛ لأن قول القائل أقبل قول زيد في النكاح دون النسب كقوله أقبله في النسب دون النكاح، قال ابن بكر وعلى طريق التداعي‏:‏ للزوج الربع، وللزوجة الثمن، والباقي للمقر به‏.‏

الرابع عشر قال‏:‏ إذا أقر أحد الابنين بثالث ثم أقر الثالث برابع فعلى قول ابن أبي زيد يدفع الابن المعروف إلى الذي أقر به ثلث ما في يديه، وهو سدس المال، وقول أهل المدينة، ثم يعطي الثالث الرابع ربع ما في يديه وهو ثمن ما في يديهما؛ لأن الرابع يقول للثالث‏:‏ لما أقررت لي زعمت أن الواجب لي ربع جميع المال في يد المعروفين في يد كل واحد منهما ثمن المال، فقد أخذت أنت من الذي أقر لك سدس المال، وإن أدفعه على إقرارك ثمن المال، ومعك فضل عن حقك، وهو ثلث ثمن المال فيصح من أربعة وعشرين، في يد المنكر اثنا عشر، وفي يد المقر ثمانية، وفي يد الثالث ثلاثة، وفي يد الرابع واحد، وفي قول يعطي المقر المعروف الذي أقر به وهو الثالث نصف ما في يديه، وهو ربع المال، ثم يعطي هذا الثالث للرابع نصف ما في يديه وهو ثمن المال، يصح من ثمانية وفي يد المنكر أربعة، وفي يد المقر اثنان وفي يد الثالث واحد وفي يد الرابع واحد‏.‏